دانيال فيشر
أظهرت دراسة موسعة أن لا علاقة واضحة بين استنشاق دخان السجائر والإصابة بسرطان الرئة، مطيحة بالافتراضات التي قامت عليها دعاوى قضائية عديدة خلال السنوات الماضية، بما في ذلك التوصل إلى تسوية مالية بقيمة 350 مليون دولار في ولاية فلوريدا.
ويستعرض المقال الصادر عن مجلة المعهد الوطني لمكافحة السرطان، تفاصيل دراسة شملت 76 ألف امرأة طيلة ما يزيد عن عقد من الزمن. وكشفت عن العلاقة الاعتيادية بين التدخين والسرطان، مبينة ازدياد احتمالات الإصابة بسرطان الرئة بمقدار 13 مرة عند المدخنين، وبمقدار 4 مرات عند المقلعين عن هذه العادة مقارنة بغير المدخنين.
غير أن الدراسة لم تعثر على أي علاقة وثيقة بين سرطان الرئة والتعرض للدخان السلبي على صعيد الإحصاءات. وحسب وصف الباحثين، كان هناك علاقة "ذات خطر إحصائي طفيف" بين هذا المرض، والنسوة اللواتي عشن مع مدخنين مدة 30 سنة فأكثر. وقد علق الصحافي كريستوفر سنودن على ذلك في إحدى المدونات قائلا: "ليس ثمة ما يدعى بخطورة إحصائية طفيفة، فإما أن تكون العلاقة خطرة أو لا تكون." ومن الجدير بالذكر أن الدراسة لا تتطرق إلى العديد من الآثار المرضية الأخرى التي يسببها استنشاق دخان السجائر، مثل: الربو وأمراض القلب والرئتين.
كما يشير جيرارد سيلفستري من جامعة ساوث كارولينا، إلى أنها لا تؤكد سوى على ما يعتقده العديد من الباحثين أساسا، مضيفا بالقول: "إن ما تظهره الدراسة يعرفه الناس أساسا، وهو أن الدخان السلبي ضمن مستويات متدنية لا يشكل خطرا حقيقيا. ومع أن هذا يدعو للاطمئنان، لا ينبغي لنا التوقف عن رفض مخالطة من يشعلون السجائر."
ويرى الدكتور جيوتي باتيل من كلية الطب في جامعة نورث وسترن، أحد الباحثين في الدراسة، أن الأثر الأكبر لمنع التدخين داخل المباني يقع على المدخنين، قائلا: "إن تغيير سلوك المجتمع هو الذي يجعل التدخين عادة غير مقبولة."


كما أفاد الباحثون أن الدراسات السابقة حول السرطان، حملت في جعبتها نتائج مختلفة، رغم أن مراكز الوقاية من الأمراض في أمريكا ما زالت تعد التدخين السلبي مسؤولا عن 46 ألف حالة وفاة بأمراض القلب، و3400 حالة وفاة بمرض السرطان سنويا. فالمشكلة تكمن في أن كثيرا من الدراسات التي تظهر وجود علاقة قوية بين التدخين السلبي والسرطان قد ارتكزت على متابعة حالات مرضية قائمة، لعلها تأثرت بالتحيز أو ميول المرضى إلى الإلقاء باللائمة على تجارب سابقة في التعرض لدخان السجائر.
ومن بين 76 ألف امرأة شاركن بالدراسة، قالت 4 آلاف منهن فقط أنهن لم يتعرضن للتدخين السلبي، مما صعب ملاحظة فارق يؤكد وجود صلة معينة، حسب قول أحد الباحثين. مع ذلك، أسهمت الدراسة في نقض فرضية ارتكزت عليها دعوى قضائية رفعتها 60 ألف مضيفة طيران، سعيا للحصول على تعويضات مالية عن أضرار التدخين السلبي والتعرض لخطر سرطان الرئة، جراء السماح بإشعال السجائر داخل الطائرات فيما مضى. ومع أن شركات التبغ توصلت إلى تسوية تقضي بدفع 300 مليون دولار، لإقامة معهد بحوث طبية لمضيفات الطيران لإجراء دراسات تتعلق بالأمراض الناتجة عن تدخين التبغ، ما زال محامو الطرف المتضرر يكافحون من أجل إغلاق هذا المعهد، ودفع المبالغ مباشرة إلى مضيفات الطيران، قائلين إن منع التدخين على متن الخطوط الجوية لاحقا نفى الحاجة لمثل هذه المركز البحثي.